حضرة الباب
حضرة الباب (1819 - 1850): في سنة 1844م أعلن تاجر شاب أنه حاملٌ لرسالة مقدّر لها أن تحدث تحولا في الحياة الروحية والاجتماعية للبشر. في وقت كان العالم يشهد انهياراً أخلاقياً ومعنوياً واسع النطاق. بثت رسالته الحماسة والأمل في جميع طبقات المجتمع، وجذبت على نحو مضطرد وسريع الآلاف من المريدين. هذا الشاب اتخذ لنفسه لقب "الباب" وكان اسمه السيد علي محمد، ولقد كان بحق مدخلا إلى مرحلة جديدة من تاريخ البشرية. بدعوته إلى الإصلاح الروحي والأخلاقي، واهتمامه بتحسين أوضاع النساء والفقراء، كان العلاج الذي وصفه حضرة الباب للتجديد الروحاني ثورياً قياساً بالقيم السائدة آنذاك. في الوقت نفسه أسس ديانة متميزة مستقلة اختصت بظهوره، ملهماً اتباعه إِحداث تحول جذري في حياتهم والقيام بأعمال بطولية عظمى. لقد كان لدعوة حضرة الباب تأثيرا بالغا أَحدث تحوّلاً وتغييراً في النفوس، وتحقّق ذلك عبر رسائله وتفاسيره وكتاباته العقائدية. ووصف أحد أتباعه ما كان للباب من صوت مؤثّر فقال: "كان صوت حضرة الباب وهو يُملي تعاليمه وقواعد إيمانه مسموعاً بوضوح في سفح الجبل الذي كان يردد هو والوادي صوته، وكانت نغمة ترتيل الآيات تفيض من فمه وهي تشنّف الأسماع وتخترق القلوب والأرواح، وتتحرك لندائه قلوبنا من أعماقها.” أعلن الباب أن البشرية تقف على أعتاب عصر جديد، فهدف رسالته التي كان لها أن تستمر ست سنوات فقط، كان تمهيد الطريق لمجيء رسول من عند الله لهداية البشر في عصر السلام والعدل الذي وعدت به كافة أديان العالم. كما رمزت في بعض أوجهها إلى الطّفْرة المفاجئة التي حثّ حضرة الباب العالم لِيُقدِمَ عليها حتى يتمّ الانتقال إلى حالة من الوعي والاحساس بالوحدة العالمية. فمنذ إعلانه الجريء لدعوته في منتصف القرن الماضي تحقّق تقدُّم قلّ نظيره في العديد من المجالات العلمية والتقنية. وسجّل هذا التقدم انبثاق التباشير الأولى لميلاد "مجتمع عالمي موحّد". وهبّت نسائم العرفان فاغتنت العقول وحَلّقت الأرواح في السموات العُلَى.